Pricing Strategies

مقدّمة

بدأت أولى عمليات التسعير حينما أجرى الإنسان القديم أوّل عملية مقايضة.. لكن الحياة تعقّدت اليوم!

كان على من يقوم بعملية المقايضة أن يحدد قيمة سلعته بناءً على عدة عوامل ثم يستبدلها بسلعة يحتاجها، بحيثُ تكون لها قيمة مساوية لما يملك؛ إذن ببساطة التسعير هو أن تحدد لمنتجك سعراً مادياً، من خلال عملية تقييم شاملة على عدة مستويات، واختيار قيمة لها (بالإنجليزيّة: Value) وإقناع الزبون أن هذا المنتج أو تلك الخدمة تستحق أن يضحي من أجلها بمبلغٍ ماليّ (أو بالأحرى قيمة مماثلة) للحصول عليها.

التسعير ليس ضربة حظ أو اجتهاد موظف المبيعات!

نعم، فعلى المنظمة أن تكون مرنةً حيال سياساتها واستراتيجياتها، بحسب نشاط السوق وركوده، واستيقاظه وهجوعه؛ فالمنظمة كائن حي يتطور ويمرض وينمو ويتكيّف بسياساته واستراتيجياته، ولكن هذا لا يعني تبني استراتيجية التسعير باستعمال الحدس، أو باستعمال طرق بدائية لاتخاذ قرار خطير يهدّد حياة المنظّمة ككل.

ليس الهدف من التسعير الربح الماديّ دائماً

بدايةً يجب تحديد الهدف من وراء اختيار سعر معين، فمثلاً قامت شركة اوبو الصينيّة (Oppo) بإشباع السوق الأردنيّ بهواتفها الذكيّة، لإشهار علامتها التجارية في المنطقة، واختراق السوق بهواتف ذات جودة تتراوح بين البسيطة ورفيعة المستوى، بسعر قليل نسبةً للهواتف الأمريكية والكوريّة، واليوم وصل توسّعها في السوق لأكثر من أربعين دولة حول العالم، واحتلت مكانة مرموقة في كمية أرباحها بفضل سياستها الهادفة في التسعير. عزيزي المستثمر، لاحظ أن شركة أوبو (Oppo) بدأت كشركة مغمورة سنة 2004 وصنعت أول هاتف سنة 2008 لكنها نافست بشراسة، وحققت هدف التسعير من أجل الانتشار، بالرغم من ارتفاع أسعار بعض النسخ من هواتفها، مثل هاتف (Find X3 Pro) من طراز اكس، المزمع إصداره في شهر حزيران 2021 ويُروّج له على أنّ كمرته المزدوجة تلتقط مليار لون!


على أي منشأة تسعّر منتجاتِها أو خدماتها أن تعرف بوضوح الهدف من وراء التسعير؛ في ظل جائحة كورونا كان لزاماً على بعض الشركات خفض أسعارها بحيث تحافظ فقط على البقاء في السوق، وهناك من يهدف تسعيره إلى تعظيم الربح طالما أن هناك اقبالاً على منتجه، وبعض المنشآت تركز على إعطاء المنتج للعميل بسعر يشعره بالرضى وجذبه نحو الولاء لمنتجها بدل أن يكون حانقاً على سعر لا يتناسب مع الخدمة المقدمة، ومن الشركات أيضاً من تضع نصب عينيها الحصول على عملاء جدد من فئة مستهدفة كما فعلت شركة أمنية للاتصالات باستهداف طلاب الجامعات بعروض مغرية في فترة ما. ومن الشركات أيضاً من تسعّر منتجها لخلق صورة ذهنيّة فارهة عنه بحيث يصبح لهذا المنتج قيمة اجتماعية عالية (بالإنجليزية: Prestige)، تتمتع هذه الشركات بجودة عالية نسبياً لكن ليس من الضرورة ان أسعارها بالفعل تساوي قيمة الخدمة المقدمة، ومن أوضح الأمثلة عليها شركة أبل Apple الأمريكيّة.


العقاب للاستشارات

عزيزي المستثمر، احرص دائماً على وضع أهداف واضحة من وراء التسعير؛ لأن الخطأ ربما يهدد بقاء الشركة أو ينفر المستهلكين منها (سواء بسبب غلاء الثمن أو رخصه)، وأحياناً يقلل من قدرة الشركة على الانتشار، وضع في عين الاعتبار أن التسعير هو أداة (بالإنجليزيّة: Tool) تعمل على حلّ الكثير من المشاكل، مثل مشكلة عدم القدرة على اختراق السوق، أو مشكلة فائض المخزون في المستودعات، أو مشكلة عدم وجود سيولة أو تدفق ماليّ في الشركة، وغير ذلك الكثير.

أهم استراتيجيات التسعير

من أهم استراتيجيات التسعير الأكثر شهرة هو التسعير بناء على أسعار المنافسين؛ حيث يتم الاطلاع على أسعار المنافسين المباشرين وغير المباشرين، وبناء عليه يتم تحديد السعر، علماً أنه ليس بالضرورة الالتزام بهذه الحدود السعريّة؛ نظراً لوجود ميزات أو نواقص في المنتج أو الخدمة من شأنها رفع السعر أو تقليله، وكذلك يجب الاطلاع عن كثب على طريقة وسلوك العملاء المحتملين في الشراء، ومدى قدرة الشركة على تحدي أسعار المنافسين على المدى البعيد ، وفيما اذا كانت الشركة الناشئة بإمكانها الصمود أمام حرب الأسعار (بالإنجليزية: Price War) أم لا.                                                                                                                                                                 ومن الاستراتيجيات الشائعة أيضاً التسعير المبني على التكلفة؛ بحيث يتم حساب جميع التكاليف للمنتج، وحساب هامش الربح المخطط له، وبجمع هذين الرقمين نحصل على سعر المنتج، وتنتشر هذه الاستراتيجية بين المنظمات الصغيرة بسبب سهولتها حيث أنها تقلل من مدى أهمية متابعة أسعار المنافسين، وهنا تكمن خطورتها، فعدم متابعة أسعار السوق من الممكن أن تحرم المنظمة من فرصة تعظيم الأرباح أو تبقيها غافلةً عن إمكانية عمل إصلاحات لتقليل التكلفة.


وتبقى استراتيجيات التسعير من أهم الأمور التي تتبناها المنظمات والتي تختلف بحسب نوع المنتج أو الخدمة وأماكن تواجدها الجغرافية، والقرارات الحكومية المتبعة، والطبيعة الديموغرافية للسكان ومستوى دخلهم وقدراتهم الماديّة، وفيما إذا كانت المبيعات على شكل متجر إلكتروني أو مبيعات تقليدية. ومن الجدير بالذكر وجود استراتيجيات في التسعير أقل شهرة مثل استراتيجية السكيمنغ (بالإنجليزيّة: skimming) بحيث تعمل المنشأة على رفع سعر السلعة المقدمة بشكل كبير جداً في البداية (قبل دخول المنافسين للسوق)، ثم تقلّص السعر تدريجياً لطرد منافسيها، مع الحفاظ على ولاء المستهلكين القدماء. واستراتيجية أخرى هي التسعير بأقل من التكلفة (بالإنجليزية: Leader Loss) حيث تفضي هذه الاستراتيجية إلى بيع واحد من منتجاتها بسعر التكلفة، أو أقل، بهدف جذب العملاء المحتملين لشراء باقي احتياجاتهم من المنتجات من نفس المكان. هذا ويمكن المزج بين أكثر من استراتيجية، بما يسهم في وضع المنشأة في وضع آمن، مع الحفاظ على هامش ربح مناسب، وحصة سوقية معتدلة، والسير بثقة وثبات نحو التوسع والانتشار.


العقاب للاستشارات

تقدّم شركة العقاب للاستشارات حلولاً استراتيجية، واستشارات صناعية نوعيّة مبتكرة ومتكاملة، من ضمنها خدمات تطوير الأعمال، والتحوّل الرقميّ، وبناء قدرات الموارد البشريّة، وتشغيل حاضنات ومسرعات الأعمال، للقطاعين الخاصّ والحكوميّ.